اطلعنا على هذا السؤال الذى جاء به أن الزوج قال وهو فى حالة غيظ وتهيج ( طلقتها . طلقتها. طلقتها ) مريدا زوجته الغائبة عن المجلس واطلعنا على الافادة المؤرخة 7 من ربيع الثانى سنة 1366 التى جاء بها أن ذلك كان فى حالة حملها المستبين ( والجواب ) ان الرجل اذا طلق زوجته وهو فى حالة غضب لا يعلم فيها ما يقول أو يغلب عليه الخلل فى أقواله وأفعاله لا يقع طلاقه عندنا ففى حاشية الدر والذى يظهر لى أن كلا من المدهوش والغضبان لا يلزم فيه أن يكون بحيث لا يعلم ما يقول بل يكتفى بغلبة الهذيان واختلاط الجد بالهزل كما هو المفتى به فى السكران انتهى - وفيها أن الحكم بعدم وقوع الطلاق فى المدهوش ونحوه أى كالغضبان منوط بغلبة الخلل فى أقواله وأفعاله الخارجة عن عادته فما دام فى حال غلبة الخلل فى الأقوال والأفعال لا تعتبر أقواله وان كان يعلمها ويريدها لأن هذه المعرفة والادراك غير معتبرة لعدم حصولها عن ادراك صحيح كما لا تعتبر فى الصبى العاقل انتهى ملخصا . وهذا موافق لما ذكره العلامة ابن القيم الحنبلى فى زاد المعاد حيث قال ان الغضب على ثلاثة أقسام أحدها . ما يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع - الثانى ما يكون فى مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده فبهذا يقع طلاقه بلا نزاع الثالث أن يستحكم ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه اذا زال فهذا محل نظر وعدم الوقوع فى هذه الحالة قوى متجه ومن هذا يعلم ان الزوج المذكور اذا بلغ غضبه هذا الحد الذى ذكرناه لا يقع طلاقه واذا لم يكن غضبه قد بلغ هذا الحد وصدر منه الطلاق عن ادراك صحيح وقع طلاقه قضاء وبانت منه زوجته بينونة كبرى على رأى الجمهور ومنهم الحنفية إلا اذا قصد بلفظ الطلاق الثانى والثالث التأكيد دون انشاء الطلاق فانه لا يقع إلا طلاق واحد باللفظ الأول ديانة ولا يصدق فى دعوى التأكيد قضاء ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال اذا كان الحال كما ذكر به والله أعلم .